فلسفة الفقر وسبل محاربته مقاربة فكرية - د.عبدالمجيد العمري
الفقر هو الكفر كلمة مقتضبة للإمام علي رضي الله عنه، وهذا يدل انه يجب محاربته ومعاداته، والوقوف بوجهه بقوة، ولذا ذمت الشريعة الكسل والإتكالية، وحثت على الانتشار في الأرض، وقدست العمل واليد العليا.
علميا الفقراء يعانون وتنعكس المعاناة على الاستقرار النفسي ونسبة التركيز فالتشويش وغياب المنهجية والتخبط مظاهر الفقراء، وبحسب الدراسات فالدول والأحياء الأكثر فقرا تكثر فيها الجرائم، والأمراض، وتنتشرا المخدرات والمسكرات؛ فالأداء والإنتاج والاضافة البشرية ل 2 مليار إنسان على الاقل معطلة
هل الفقر نقص في الشخصية أو سوء في التدبير، بمعنى نقص في المعارف والتدريب، كثير من الدراسات تؤكد العكس، فالفقر المعاصر على الأقل خطأ سياسي نتج بسبب سوء توزيع الثروة، ونحن هنا لا نتحدث عن أفراد، ونقيم بعض الصور الناجحة التي توفرت لها الظروف للارتقاء والخروج من عنق الفقر بشيء من الحيلة ، نحن نتحدث عن إطار عام لأكثر من 2 مليار شخص في العالم واقع تحت وطأة الفقر.
عالج الإسلام الفقر بالزكاة والوقف والتدابير السياسية، بما أسماه ( الحد الأدنى للكفاية) وهذا المفهوم كان بارزا وخصوصا في خلافة عمر بن عبد العزيز رحمه الله، وهو ما نريد تفعيله في هذه المقاربة.
الفقر ليس نقصا في الذكاء، ولا عيبا في الشخصية، الفقر غياب الإمكانات، وعدم توفر الفرص، وهذا من حيث العموم، ولذا سعى النظام الاشتراكي لوضع تدابير لمقاسمة الثروة على حساب الحرية الشخصية بينما النظام الرأسمالي بنى نظاما هرميا تمركزت الثروة في أعلى الهرم، وفرض الضرائب لإيجاد توازن، لكن واقع الحال يدل على ان هذين المنهجين مشوهان؛ فالعالم لا زال يقبع تحت وطأة التمايز الطبقي المالي.
بنظري الحل لمعالجة الفقر هو توفير منحة مالية لكل أسرة، الحد الكفائي للمسكن والمأكل والتطبيب والتعليم، وهذا الأمر يجب أن يكون نظاما دوليا برعاية الأمم المتحدة، الحد الكفائي تعطى هذه المنحة بدون مقابل، أو شرط، ويكون حساب الأجور بعد هذه المنحة كل بحسب تخصصه ومكانه ووظيفته، وهذا الحل مقتضب من واقع الحال في زمن الخليفة عمر بن عبد العزيز رحمه الله؛ وفخوى مقاصد الشريعة؛ ومعطيات الواقع المعاصر.
قد يسأل أحدهم ومن أين سيتم توفير هذه المبالغ المهولة، والجواب بحسب الدراسات نسبة الفقر في أمريكا مثلا 50 مليون، يمكن توفيره بأخذ 1% من النفقة العسكرية، والتي تمثل 170 مليار دولار وبهذا المبلغ نستطيع أن نقلل من الجريمة، ونحوها من الكوارث.
مصر مثلا وخلال 30 عاما حصلت على أكثر من 40 مليار دولار مساعدات أمريكية عسكرية، فلو تم تخصيص نصف المبلغ لهذا المشروع مع بعض التدابير لتم معالجة الفقر في مصر.
في هذا العالم المتطور يجب أن لا يكون هناك فقير، فالفقر ليس عيبا شخصيا ولكنه خرف سياسي، وطغيان رأسمالي، وتشوه في الإنسانية فما يحتاجه 2 مليار فقير في العالم لا يزيد عن 1% من فوائد أذون الخزانات الأمريكية والتي تقدر 2 ترليون دولار، وما يحتاجه فقراء العرب لا يزيد على 2 % من موازنة دولتين خليجية وليس القصد هو الاعتماد على منح الغير في القضاء على الفقر لكن مغزى الفكرة يكمن في الآتي:
1-التوافق على نظام عالمي جديد بتوفير الحد الكفائي للإنسان.
2-إنشاء صندوق لدعم الدول التي حاليا لا تستطيع توفير هذا البند
3-وضع البند الأول والرئيسي في موازنة الدول توفير الحد الكفائي.
أهمية نجاح هذا المقترح:
1-تحرير الإنسان من التبعية المالية، وفتح المجال للإبداع والتطوير.
2-القضاء على الأمراض فجل الأمراض تأتي من سوء التغذية وسوء المسكن.
3-توفير العدالة البشرية، فالثروة يجب أن تتقاسم حتى يسود السلام والوئام العالمي.
4-الحد من الجرائم،و المخدارت والقتل.
ليست هناك تعليقات