أحدث المشاركات

*عام بناء العالم الجديد* - د. خالد عبدالله الحوري


نتيجة بحث الصور عن العالم الجديد


لا أدري لماذا ينتابني هذا الشعور


في هذا العام سيتم وضع أول لبنات العالم الجديد, وستنقلب الموازنات التي حرصت عليها الدول المهيمنة عالميا, والتشكيلة الأممية التي رسمت في دهاليز السياسة الدولية.

لقد أتى فيروس كورونا ليفتح أصابع القبضة الأممية الحديدية التي سيطرت على العالم, وابتزت أمم الأرض حتى أصبحت دولة تمثل ٢% من سكان الأرض تسيطر على ٨٠% من ثروات العالم وتمتص الشعوب , غير مراعية لأنينها ومرضها وجوعها وفقرها وتخلفها , بل تكاد تقول أنها مع عصبتها الأممية يسيطرون على كل مقدرات العالم .


سمعت قديما أن للتاريخ عقد تحولية, يحدث خلالها تحولات تاريخية للبشرية, وهذه العقد تنتظر فعل البشر لها أمدا محددا,  فإن قاموا بها وإلا تحول الفعل عنهم إلى سنة التاريخ , فيتدخل الفعل الرباني ليغير الأمم ويحول مجرى قيادتها من أمة إلى أمة أخرى.

من أيام قليلة كانت إمريكا تقود العالم وأعطاها الله كل مقاليد الأمم المالية والسياسية والعسكرية وأذعن لها سلاطين الدنيا بأسرها, لكنها لم تراعي العدل في الأرض, فقط راعته في أرضها, ولم تراعى الفقراء في الأرض ولكنها راعته فقط في أرضها , ولم تراعي المستضعفين في الأرض ولكنها راعتهم فقط في أرضها, لقد آن الأوان أن تستلم أمة أخرى زمام قيادة البشرية .


يجرب الله الأمم التي تستلم زمام قيادة الأمم مائة عام فإن ساوت في العدل بين العالم كما تساويه بين رعيتها وحرصت على أن يأكل العالم كما يأكل رعيتها وكانت منصفة في حل مشاكل العالم كما تحل مشاكل رعيتها ولم تفرق بين بلد ولغة ودين ولون وأمة أطال الله في أمد حكمها وكتب لها خلود الحكم العالمي,  حتى يأتي من يكسر قيمها الحاكمة من أبنائها ويحرف بوصلتها ; من العدل إلى الجور ومن الحرية إلى العبودية ومن العالمية إلى حب الذات وتغليب مصلحة الشعب الحاكم وتحويل العالم إلى عبيد لهم , حينها يعيد التاريخ بناء نفسه وترميم ذاته فينتظر فعل البشر , فإن عادوا عاد , وإن طغوا أرسل الله ما يفك به زمام العالم من أيديهم, وحينها يحدث التحول التاريخي في قيادة الأمم.


إن ما ترونه بين أعينكم في إمريكا هو انهيار للأمة التي أعطاها الله مقاليد حكم الأمم في نسختها التجريبية فقط خلال مائة عام , وهي اليوم تنهار وما يجري هو عملية تحول محور القيادة إلى أمة أخرى.


ولكن ياترى من هي الأمة اللائقة بحكم العالم اليوم ..حتما في مجال المنهج هي الأمة الإسلامية لكن الأمة الإسلامية اليوم ليست جاهزة بعد لاستلام زمام قيادة العالم... لماذا.


دعونا نعود للوراء قليلا لننظر إلى الأمة الإسلامية وهي تقود العالم :

لقد قدنا العالم أكثر من ألف سنة فما فرقنا بين مسلم ويهودي ونصراني في العدل , ولا بين ألوان البشر وأجناسهم أبدا, وما عرف التاريخ أننا جرنا على أمة أو طغينا على شعب أو ابتزينا ثروة جيل, بل كنا سباقين لمداواة المرضى وإطعام الفقراء وتحرير العبيد ونشر العلم وبناء المستشفيات وتحرير دول الأرض من الحكام الذين طالما استبدوا بأممهم واستعبدوهم وأخرجناهم من عبودية البشر إلى عبودية الخالق وحده لا شريك له.

سلوا التاريخ جملة وتفصيلا ينبأكم عن تفاصيل أعظم أمة حكمت الكون لأكثر من ألف سنة كيف حركت جيوشها في كل أنحاء الأرض تقاتل المستبدين والمتسلطين على أقوات البشرية وتعيد الحق لأهل الأرض والملك الأصلي.

ينبأكم التاريخ كيف وقف أمام ميزان العدالة الإسلامي حاكم الدولة الإسلامية الأعلى واليهودي البسيط الآثم وكان الحكم بالدلالات لليهودي البسيط الآثم على الحاكم المسلم صاحب الحق حين لم يمتلك الأدلة وسلم بذلك ...سلوا التاريخ هل ولد مثل هؤلاء الحكام في العالم بعد ذلك.


سيكتمل فيلم سقوط إمريكا الذي كتبه وأخرجه ومثله وصوره أبنائها وقادتها , وستخرج نهائيا من منصبها كونها الأمة الحاكمة للأمم لأنها لم تقم بواجباتها التاريخية كما ينبغي , وسيتوالى سقوطها على مشاهد وقد عشنا كثيرا منها وسننظر إلى بقيتها قريبا .. كما يشهد بذلك العقال والحكماء من كتابها.


ولولا أن الله قد كتب ألا يتولى زمام قيادة أمم الأرض إلا صاحب شريعة سماوية, لجزمت أن الصين من سيتولى زمام قيادة البشرية في المائة القادمة ليس لعدلها فهي أكثر دول العالم جورا ولكن لجيشها واقتصاها واستبدادها.


ستعيش أمم الأرض في بقية هذا القرن فترة فراغ قيادي أممي فنحن على أعتاب حرب باردة بين أقطاب الأرض جميعا لن يستطيع أحدهم فرض نفوذه وهيمنته على الباقين فهم جميعا أنداد ولا ميزة لأحدهم على الآخر , فكلهم يطلب مصلحته الشخصية فقط ولا قيمة للبشرية في ناظريه أبدا , ومن ثم سيتهالك الجميع ويتبعثرون فرقا وطوائف وأحزابا ولوبيهات فلا يصبح أحد منهم صالح لقيادة العالم لانعدام مقومات الأمة القائدة من بينها جميعا.


في تلك الأثناء هناك أمة تتكون معالم حضارتها وتستعيد مآثر مجدها وتبني صرح هيمنتها , حكمت أمم الأرض أكثر من ألف عام , فتاريخها القيادي للأمم حافل بالتجارب وسمعتها وهيبتها ما تزال تضرب في جذور التاريخ ولا يزال المؤرخون يذكرون عظمتها وجلالها, هي سلطانة الأمم وتمتلك أعظم مقومات الحكم العالمية وسعود لقيادة البشرية من جديد.


إن من أهم مقومات الأمة القائدة للأمم : امتلاك المنهج الناجح المجرب ونحن نملكه..وامتلاك قيم الحكم الرشيد عالميا والذي يساوي بين كل فئات العالم ونحن نملكها..وامتلاك حب البشرية والرحمة والشفقة عليهم جميعا ونحن أهلها (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين)..وامتلاك السند التاريخي والتجربة ضاربة الجذور ونحن نملكها.. وامتلاك السند السماوي ونحن نملكه صافيا نقيا كما أنزله الله..وامتلاك الشباب النشيط البعيد عن الشهوات والمسكرات ونحن نملكهم .


ماينقصنا لقيادة أمم العالم اليوم أن نكون أقوى دول العالم اقتصادا وانتاجية.

ينقصنا أن تصبح قيمة التعلم عندنا هي القيمة الأولى على أرضنا كما هي القيمة الأولى في كتاب ربنا.

ينقصنا أن تتحد جيوشنا لنصبح أول جيش في العالم.

ينقصنا أن نتوحد في ظل اتحاد عام لنعود أمة واحدة كما كنا من مائة عام.

وهذه النواقص في طريقها للتبلور والتشكل وقد آمنت شعوبنا بها , وهاهي اليوم تبكي دما لتعود أمة الريادة العالمية من جديد.


إن كنت قلت أن الكون الأرضي سيبقى ربما إلى نهاية هذا القرن دون قائد لكني أجزم أن القائد القادم لا محالة لأمم الأرض هي الأمة الإسلامية وستعود لحكم العالم من جديد في ظل الإسلام وسيدوم ملكها آلاف السنين بإذن الله تعالى.


ليست هناك تعليقات