🏮العقلية المنتجة !!: - بقلم✍️د.محمد فيصل باحميش

 

     كثير من الناس نجح في قيادة مركب المواجهة فعافس النجاح، وعاقر الانتصار فتربع على هرم الإبداع في شتى مجالات الحياة (الاقتصادية والعلمية والفكرية والأدبية) فرمقته أعين الإعجاب المجتمعي بطرف الإشادة، وصارت سيرته العطرة تتناقل عبير أثير الفخر الإنساني. 

     هنا تباينت عقلية صناع الإنجاز فالبعض تشرب تفاصيل ذلك الإنجاز فراح يغرق في بحار الإشادة، وصار يترقب ما ستجود به قريحة الشعراء، وأقلام الكتاب حول مشروعه النوعي الذي عبَّد له طريق النجومية وأوصله إلى سلم القبول المجتمعي، فرمى بأثقال الهمة الإيجابية من على كاهل الإنتاج ليستيقظ بعد ذلك الضجيج السلبي، فيجد نفسه في مربع النسيان، وقد بدأت مساحة الإعجاب تتقلص وصار تصنيفه في خانة التجارب الماضية؛ والسبب تركه لمشعل الإنجاز وعدم التسويق المستمر لذاته ليظل في الواجهة السوقية. 

      والفريق الآخر كذلك شق طريقه في غياهب التحديات وهو يمسك بمعول الإصرار وعصا المثابرة فتمكن من مواصلة رحلة الإنجاز ليكتب تاريخه المهني بأحرف من نور، تساقطت في طريقه المهني ورود الإعجاب، وصفقت له الجماهير وحملته على أكتاف الروعة والدهشة؛ إلا أن ذلك المبدع تنبه وحاول عدم السقوط في نشوة الانتصار والفخر، والدخول في قفلة العجز والتغني السلبي بذلك الإنجاز، فرمى برداء الفخر المجتمعي في خزائن الذكريات وأمسك بصولجان الإنجاز لكتابة تاريخ جديد يزيد من أسهم قبوله، ويحافظ على بقائه في قمة الإنجاز وعدم ترجله عنها بالغرق السلبي في مياه الإشادة المفخخة. 

     أيها الرائع من حقك أن تفخر بإنجازك وأن تتنفس صعداء الانتصار في هرم الإبداع؛ ولكن إياك أن تطيل لحظات الاستمتاع عند تلك النقطة ستفعل عليك نواميس السقوط الكوني وتعيدك إلى مربع اللاشيء، فخير وسيلة للحفاظ على القمة هو رفع سقف طموحاتك وعدم التوقف إلا في محطة الفناء الأبدي.