✨لماذا اكتب عن النهضة✨ - د. خالد عبدالله الحوري
اكتب عن النهضة لاكتمال المرحلة التي تسبقها وهي مرحلة اليقظة والصحوة الإسلامية التي وصلت طولا إلى كل العالم, وعمقا إلى كل بيت مسلم , حتى تأثرت بها الجماهير وأخذت في التشكل والتطور والنمذجة, وبلغت الصحوة ذروتها; فقد عادت الأمة إلى المساجد وتزاحمت عليها بعد أن كانت خاوية على عروشها , وحفظ ملايين المسلمين القرآن الكريم وأصبحت مدارس القرآن الكريم في كل مدينة وقرية بعد أن كنت تمر على مدينة كاملة لا تجد فيها حافظا للقرآن الكريم , بل أغلقت المساجد في بعض الأرياف لعدم وجود من يصلي بالناس.
بنيت في عصر الصحوة الجامعات التي تعلم الإسلام حتى وصلت العشرات وتخرج منها آلاف من العلماء والدعاة الذين انتشروا في أرجاء المعمورة, يبشرون بالإسلام ويعرفون الناس به ويجمعون المسلمين حوله, وقد لاقوا ترحابا كبيرا , ووضعوا أثرا عميقا في حياة الشعوب الإسلامية, فلا تكاد تجد مدينة أو قرية إلا وجدت فيها عالما تخرج من جامعة إسلامية بعد أن كان العالم الإسلامي يفتقر إلى الجامعات التي تعلم الإسلام وإلى العلماء الذين يعرفون بالإسلام .
وفي قمة اليقظة الإسلامية تكونت الأحزاب والجماعات والجمعيات والمنظمات والتكتلات التي تحمل الإسلام منهج حياة , وأصبحت هي من تسيطر على الجماهير المسلمة شرقا وغربا , وإن لم تصل إلى الحكم بسبب التآمر العالمي لكنها بشهادة العالم هي من تسيطر على الشعوب وهي من ستسيطر على الحكم لهذه البلدان عاجلا أم آجلا.
يستطيع المشاهد البسيط أن يحدد ما ستؤول إليه الأمور في العالم الإسلامي , فهناك فصيل من البشر وهم من يحملون الإسلام يتوسعون طولا وعرضا في البلاد الإسلامية لا يأبهون بالمشاق والعقبات والمكائد والمؤامرات ويكتسحون الميادين في كل يوم, وهناك الفصيل القديم المتشبث بالسلطة الموالي للشرق أو الغرب, والذي ساهم في نوم الأمة الإسلامية وتفتيتها وفقرها ينقصون كل يوم وتقل شعبيتهم وينفض عنهم جماهيرهم ولا يبقيهم في مناصبهم إلا الاستبداد والمال والمكر والكذب على الشعوب .
وسيستمر توسع الفصيل الأول وسيستمر اضمحلال الفصيل الثاني, حتى يملك المجددون العالم الإسلامي تلقائيا لأن من يملك قلوب الشعوب هو من سيأخذ بزمامها ويصبح قائدها.
وفي ظل اكتمال مرحلة اليقظة والصحوة الإسلامية كان لا بد للأمة الإسلامية من الانتقال السلس إلى مرحلة النهضة لأن باكتمال الأول يتم الدخول في الثاني تلقائيا, فالطريق واحدة والأولى طريق لدخول الثانية, وما بعد اليقظة إلا النهضة والصعود إلى القمة العالمية في كل مجالات الحياة في العلوم والاقتصاد والصناعات والهيمنة العسكرية ولتعلن الأمة الإسلامية نفسها الرقم الرائد في كل مجال من مجالات الحياة .
في ظل هذه المعطيات كان لابد من التوسع في الكتابة عن النهضة وآلياتها ومقدماتها وروادها وأولوياتها وكيفيات انطلاقها وحلول مشاكلها . .ولا بد من التحول من الجهد الفردي إلى الجهد المؤسسي والذي تكون فيها مراكز الأبحاث والمنظمات النهضوية هي صاحبة المبادرة الأبرز.
ليست هناك تعليقات