التحول الصناعي لأجيال النهضة - د. خالد عبدالله الحوري
تصنع الأجيال بما يتناسب مع أهداف المراحل التاريخية , فجيل للجهاد والحرب وجيل للعلم والمعرفة وجيل للصناعة والحرف وجيل للسيادة والحكم, وما بين جيل وجيل تحتاج الأمم الى التحول الصناعي للأجيال لتودع مرحلة وتدخل في أخرى, فما من شيء من موروثات الجيل الأول يتناسب مع طبيعة الجيل الجديد.
فبينما كان إعداد جيل الصحوة (اليقظة) يتسم بإعدادهم ليقوموا بإيقاظ المجتمعات النائمة وفتح عيونها على تاريخها القديم المشرق ويعيدوا إليها الثقة بنفسها, فتربت على غاياتها وأهدافها وابتكار وسائلها ..كان لا بد من إعادة تربية الجيل على أهداف المرحلة الجديدة (النهضة) وهذا يحتم على المربين إعادة صياغة المناهج الدعوية والتربية للجيل لتتلائم مع أهداف النهضة من التمكين في الأرض عن طريق نقل العلوم من شتى بقاع العالم وبناء المشاريع العملاقة وصناعة الهيمنة الاقتصادية والإعلامية والعسكرية بما يضمن لنا الريادة العالمية.
لا تتسم المرحلة بالخطب العصماء والكتابات الرنانة واللعب على العواطف واختيار خامات التأثير الجماهيري إنما تتسم بالعمل الدؤوب المتواصل والحرفية المهنية والغوص في أعمق التخصصات والتفاصيل وجمع الكفاءات المتشابهة العمل أو التخصص في بوتقة واحدة تتلاقح أفكارهم ويكونون مراكز الدراسات التخصصية التي تتسم بالعالمية ويبنون الرؤى والاستراتيجيات ويضعون الخطط الاستراتيجية طولا وعمقا ويشرفون على تنفيذها بأعلى درجات الجودة....ولا شك جيل كهذا لا نملكه بعد إنما نملك خامة نادرة من الرجال يمكن أن نشكلهم من جديد على بما يتناسب مع أهداف المرحلة وطبيعة مخرجاتها المطلوبة.
فبينما تتحول الطبيعة الصناعية للجيل سوف يتحول معها كثير من وسائل العمل التربوي وكيفياته بل سيتحول أسلوب تفكير الأجيال وطبيعة نظرته العقلية للمصالح والمفاسد والأعداء والأصدقاء.. وطبيعة البناء السلوكي للأجيال من حيث الحب والبغض والقرب والبعد والولاء والبراء والتقدم والتأخر.
والأكثر من ذلك أن تتحول أساليب وطرق إدارة الجيل لذاته وأسلوب خطابه لنفسه وطرقه في التحفيز نحو الدافعية وبناء قدراته النفسية بما يتواكب مع طبيعة المرحلة وأهدافها والرقي الذاتي ليصل في أعلى مراحله أن فرد النهضة يشعر بمسؤليته عن العالم كل العالم.
ستمتلأ صفحات التاريخ في المرحلة القادمة بالمخترعين والمكتشفين والعباقرة والأرقام القياسية ليست العالمية فقط ولكن الكونية أيضا .
سيخلد التاريخ الأوائل والمبرزين والنجوم في مختلف الصناعات والعلوم .
ربما سيختفي من صفحات التاريخ أخطب العرب ليكتب أعلم العرب ويختفي أشعر العرب ليكتب أصنع العرب ويختفي أحفظ العرب ليكتب أدهى العرب ولا أدعي عدم الحاجة إلى هؤلاء جميعا فهم حداء المسيرة إنما أدعي أنهم كانوا الأرقام القياسية لمرحلة الصحوة ولكل مرحلة أرقامها.
ليست هناك تعليقات