أحدث المشاركات

✨ كيف يحاور المسلمُ الملحدَ؟ ✨ - ✍🏻 أ. محمد جلال

 

الإستشارات بين الواقع و المأمول" حلقة نقاش مجتمع مبادر‎ - صحيفة التحلية  الالكترونية

في ظل هذه الهجمة الشرسة على الإسلام مع توفر الفهم الخاطئ له بسبب طغيان الموروثات، وانتشار الجهل، والتشدد، والخطاب الوعظي الذي بلغ المجتمع منه حد التشبّع، مع بعده عن روح العلم وحسن الفهم للواقع، وتركيز بعض وسائل الإعلام على إثارة الشهوات والشبهات وتشويه صورة الدين، ووسمه بالإرهاب، وانتشار مظاهر الفقر، والأمراض النفسية، وغياب الأمن والاستقرار فقد ظهرت حالات تتبنى الإلحاد وتستعلن به، وتشجع عليه، فكان ولا بد من تحصين المجتمع من هذه الحالة المنافية للدين والأخلاق والفطرة الإنسانية، والتي تسهم في انحلال المجتمع، وزيادة تعميق مظاهر الانحراف، والفساد فيه وذلك ببيان أمور مهمّة يتعرّف عليها المسلم في محاورة الإلحاد مع هذا الانفتاح المعرفي الهائل:


____

_الإلحاد لغة: هو الميل، واصطلاحًا: هو الميل عن الإيمان إلى الإنكار... فهو إما ملحد ينكر الإله (Atheist) وإما لا أدري (Agnostic) وإما ربوبي  (Deist).


-وقد ظهرت في الماضي طائفة الدهرية الذي حكي عنهم القرآن الكريم قولهم: (إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ) كما ظهرت شخصيات تتبنى الإلحاد عن طريق دعوى الفلسفة ثمّ حصل انقطاع أو عدم اعتبار لتأريخ هذا النوع من الفكر، ومع بزوغ عصر الحداثة وانتصار العلمانية على الكنيسة بدأت الفكرة تعود للسطح فكان أول من تبنى ذلك هو جون ميسيلي (1664-1729)م.


_____

_وفي واقعنا المعاصر الذي صار إلحاده أكثر عدائية وهجومًا والطريف أنّه أكثر خواءً، وفارغ من الطرح الموضوعي، وكانت هذه القضيّة في الماضي مرتبطة بالنخب، وأمّا اليوم فصارت هذه القضية شعبيّةً سوقيّةً فيها طابع الميل إلى الشهرة والنجومية ولهذا عبّر أندي كيندلر عنهم بشكل هزلي فقال: "إذا كان الإلحاد عظيمًا فلماذا الداعون له أوغاد؟!" فالمتناقضات هي أكثر قضية يدفعونها عن أنفسهم وهي أكثر قضيّة يمارسونها بأنفسهم.


____

_مواقع التواصل تمطرنا كل لحظة بوابل من الشبهات وتعجبني عبارة لأحدهم يوصّف هذه الغارة من الشبهات بمقال له عنوانه: (عقولنا تحت القصف)، والناظر للواقع سيجد أن الشخصيات الملحدة تتسم بخيط متشابه متداخل من خلال طرحها، وقد قمتُ بتلخيص أهم تلك الشخصيات وكيفية التعامل معها، وهي كالتالي:


1. الشخصيّة القلقة: وهي التي أحاطت نفسها بالقلق من جهة المعتقد، وتستبدّ بها الأسئلة الوجودية الكبرى.

الحل: يكون الحوار معها بمقتضى اللطف والرحمة بالتخفيف من وطأة القلق، والتهوين من الخوف، وتحويل الحوار إلى أخذ وعطاء وبهدوء واطمئنان، مع تجنّب صيغ الإلزام والإفحام، والاهتمام برسم الحدود الواضحة، والإلتزام بالسير عليها، فهذه الشخصيّة حولها مشاكل حياتية، وقلق من المستقبل وتحتاج إلى طوق نجاة.


2. الشخصيّة المهووسة: وهي التي تعاني من فرط الثقة والصوابية.

الحل: هذه الشخصيّة تميل للرسميات، وعندها شعور وثقة بأنّ ما تقدّمه هو الحل، ومشكلتها أنّها تُنتج مغالطات وتصفها بأنّها أدلة، والحل معها هو بأسلوب التحليل لخطابها، وبيان مواطن التناقض والغلط حتى تكتشف بنفسها موطن الخلل الذي عندها بشكل محرج، مع استصحابٍ لذكر أئمة المنطق وعقلاء الناس.


3. الشخصيّة النرجسية: وهي التي تبحث عن الإعجاب والشهرة والظهور، ومتشبعة جدًا، وهي سمة غالبة في ملاحدة العرب.

الحل: لا بد من نبرة القوة بالطرح والاستعلاء بما عندك من حق معها، فالتلطف معها تعتبره تلك الشخصية انتصارا لصالحها، وربما احتجتَ إلى أسلوب التبكيت والتصغير والتجهيل معها؛ كسرًا لغرورها وتعجرفها. 


4. الشخصيّة الإسقاطية: وهي التي تعلّق فشلها بغيرها إما بالأشخاص أو بالأفكار.

الحل: هذه الشخصيّة غالبًا تضمر العداء لمن حكمت عليه بأنّه سبب فشلها، ولهذا تجد منها أسلوب السبّ والسخرية والحقد والكراهية للإسلام، وهي صعبة الخضوع والاقتناع ولا بد معها من محاولة إغلاق منافد الحقد ببيان مخالفة أحكامها للواقع، مع استحضار نماذج صادمة لها إما من جهة من حكم عليهم بأنهم سبب فشله، أو من جهة من تبنّى رأيهم بأنهم مصدر نجاحه القادم كبيان أن فكرة الإلحاد ليست بريئة في افتعال حروب كونية.


5. الشخصيّة التبعيّة: وهي شخصية ضعيفة متقلّبة وهي تتبع الأقوى والأكثر حضورًا.

الحل: هذه الشخصيّة لا يوجد لديها حسّ نقدي، انبهرت بصوت الإلحاد واستسلمت له، وهذه يناسبها إبراز نماذج مؤمنة قوية جمعت بين العلم والتطور، مع تفكيك التلازم بين فكرة الإلحاد والتقدّم.


____

_ مجموعة من الأساليب يتّبعها الملاحدة:

1. تقرير النفي دون الاستناد للأدلة والهروب من الإثبات: (لا يوجد إله) (محمد ليس رسولًا ولا نبيًا) (الإسلام ليس هو الدين الصحيح).

2. استعمال العبارات الغامضة في الطرح في محاولة لإفزاع من يحاوره أو إشعاره بالجهل.

3. كثرة الانتقال في المواضيع والتشتيت والقفز عند الإلزام له.

4. التطويل والتضليل وحشد التعليقات وذلك باستخدام النسخ واللصق وهو ربما لا يدري ما بداخل الرابط الذي علّق به.

5. تجاهل الطرح المقابل فهو يقرأ ليرد وينتقد ولا يقرأ ليفهم ويوازن.

6. ممارسة أسلوب السخرية والاستهزاء والضحك.

7. الكذب بادعاء الإجماعات العلمية والبحوث الجامعية..

8. الاختزال الشديد والانتقائية في النقل عن المصنفات التراثية الإسلامية.

9. تكرار الشبهات وترديدها وإعادتها لنقطة البداية وإن تم الفراغ منها.

10. الإصرار على عدم الاقتناع والرمي بعبارات من جنس: جواب غير مقنع، لا توجد أجوبة، لا أرى شيئا في محاولة لتحطيم المحاور.


_____

_أمور ينبغي للمسلم أن يتمسّك بها:

1. الإخلاص للّه تعالى: فما ثبت عملٌ بلا إخلاص، وما أثمر جهدٌ بلا إخلاص، وما وُفّق للخير من فقد الإخلاص وفقد حسن التوجّه للّه، فشأن المؤمن هو بقصد صاحب الجلال والإكرام سبحانه.

2. تزكية النفس: وهذا مهمّ جدًا ويكون بالأذكار في الصباح والمساء، والاهتمام بمواسم الطاعات، واغتنام فرص العبادات، والاهتمام بالورد القرآني وإن قل، فهذا هو الحصن الحصين الذي يلوذ به المؤمن.

3. العلم: في الأمور الشرعية بما يعينه على دفع الشبهات عن نفسه وعمّن حوله ورفع الجهل عن نفسه وغيره، فكثير ممن سقطوا في مستنقعات الإلحاد إما جهلة بالإسلام أو لم يتعلّموا بشكل صحيح.

4. المعرفة: وهو مهم في كل شيء لا سيما في الأمور الفكرية فيحتاج إلى العلم بها ومعرفتها، وسعة الاطلاع حول مواضيعها.

5. ‏القدرة: وذلك بتوظيف العلم الذي تحصل وذلك لاستثمارها في سرعة البديهة مع وضوح الأفكار وتوفر الحسّ النقدي.

6. ‏حسّ المسؤولية: فهي الذخيرة التي تبعثُ المسلم ليقوم بواجبه الشرعي وهذا باب عظيم من أبواب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فمن فقد حسّ المسؤولية تبلّد عنده الشعور بالغيرة.

7. ‏الانتباه: فكثير جدًا من الشبهات المثارة أجوبتها مرصودة ومذكورة منذ القدم ولا يحتاج إلا للانتباه إلى  مواطن ذكرها وإيرادها فلا يضيع وقته في أمر قد قُتل بحثًا، وردًا، ونقدًا.

8. ‏الثقة: ثق بما عندك ولا تتردد فكثير من الحسابات هي عبارة عن أناس من نصارى العرب وقد ثبت هذا بكثرة بلا أدنى شك، فهم في الأخير يرغبون في أن تخرج من دينك وإن لم تدخل في دينهم، قال تعالى: (وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً).

9. ضمان رأس المال خير من الربح: فإن شعرت بضعفٍ في الحوار فلا تقلق فهذا من صميم صفات الإنسان أنه يفتر وينشط، ويقوى ويضعف، ويشتدّ ويلين... فلا يعني أن قولك ضعيف أو أن قول مخالفك قوي، وإذا لم تكن مستعدًا للحوار فضمان رأس المال خير من الربح.

10. العدل: فكما بدأنا بالإخلاص للّه عزوجل فننتهي بالعدل فالعدل قيمة معرفية مركزية لا بد من ممارستها مع الموافق والمخالف فهذا خلق للمسلم الذي يتربّى عليه فينبغي عليه ألّا يظلم ويطغى.

ليست هناك تعليقات