أحدث المشاركات

وجود الله حقيقة أم خيال ؟ - ✍🏻 عبدالله المنعم الكلدي

الادلة على وجود الله - Home | Facebook


أحياناً أسرح بخيالي للتفكر بقول ذلك الأعرابي:
(( البعرة تدلُّ على البعير ، وآثار القدم تدل على المسير ، فسماءٌ ذات أبراج ، وأرضٌ ذات فجاج ، أفلا تدل على العليم الخبير ؟ ))
ثم أذهب به إلى أولئك الذين يُنكرون وجود الله فأعجب من إنكارهم لوجوده سبحانه رغم توفر العديد من آياته الدالة عليه والتي يستحيل أن تكون لإلهٍ غيره .

إن إيماننا بوجود الله سبحانه وتعالى هو إيمانٌ ناشئٌ عن برهان وحجة فنحن لا نقول :
(( إنَّا وجدنا ءابائنا على أمة وأنا على آثارهم مهتدون ))

الموجودات نوعان :
١- موجودات مدركة بالحس
٢- موجودات غائبة عن الحس

فأما الموجودات المدركة بالحس فهي ما نراه معاينةً
وأما الغائبة عن الحس فلا سبيل لتحصيل العلم بها إلا عن طريق آثارها الدالة عليها أو عن طريق الخبر الصادق .

في حقيقة الأمر وجود الله لا يحتاج إلى أدلة فكل ما حولنا يوصلنا إلى هذه الحقيقة ولكن للأسف مع انتشار ظاهرة الإلحاد في الفترة الأخيرة كان لزاماً من إظهار هذه الأدلة .

سنقتصر هنا على الأدلة العقلية وإليك بيانها باختصار :

من أعظم الأدلة العقلية الدالة على إثبات وجود الله تعالى هو ما يسمى بمبدأ :
(الخلق والإيجاد )
ينص هذا القانون على أنه يلزم على كل مخلوق أن يكون له خالق خلقه ، وأن لكل حدث من حادثٍ أحدثه .
وهذا معلوم بالضرورة بل هو مبدأٌ عقلي لا يجادل فيه عاقل ، ومما يدل دلالةً واضحة على أن هذا المبدأ متقررٌ في النفوس فطرةً :
أن الرضيع عندما تصدر صوتاً فإنه يظل يبحث عن الصوت ، وكذلك الطفل إذا لمست رأسه سيسألك من فعل هذا ؟ فإذا أجبت بأنه لا أحد لم يقبل منك ذلك ، وهذا من أعظم الأدلة المُشاهدة على هذا الدليل.

إذاً وصلنا إلى تقرير هذا المبدأ العقلي الفطري ، والآن تعالوا نطبقه على هذا الكون العظيم الذي لا زلنا في كل يوم نكتشف فيه عجائب وغرائب .
الكون:
 هو العالم الذي يجمع هذي المجرات والكواكب ويجمع المخلوقات كلها من إنسان ونبات وحيوانٍ وغيرها .
ومن المبادئ العقلية الضرورة الموجودة في الإنسان فطرةً :
(أن البعض هو جزءٌ من الكل )
وبما أن الإنسان جزءٌ من هذا الكون فيكفي أن نأخذه مثالاً لتقرير هذا المبدأ( الخلق والإيجاد ) لنعلم يقيناً أنه يستحيل أن يكون هذا الكون بكل ما فيه من دون خالق وأن العدم هو من أوجده .

إن الإنسان قبل أن يكون إنساناً حياً كان عدماً ( نطفة ) أي أنه كان لا شيء ،فبالله عليك أي حياةٍ في تلك النطفة ؟!
تخيل معي الموقف ..
* خذ المشهد الأول (النطفة ) ..
* ثم المشهد النهائي ( الإنسان بكل ما فيه )..
ثم دعنا نُحكم عقولنا :
- كيف يكون لهذا اللاشيء والعدم أن يصبح  مخلوقاً حراً مريداً له ما له من المميزات الخَلقية والعقلية من دون أن يكون هناك من أوجده وأحدثه ؟
- كيف له أن يصبح هكذا من دون أن يكون هناك راجحٌ رجح وجوده من عدمه ؟
هذا ممتنعٌ عقلاً ، ولا يقول به عاقل .

ومما يؤكد على أن الإنسان جاء من عدم هو أنه يسير إلى فناء وموت ونهاية ، ولكل نهاية لابد له من بداية وهذا متقرر عقلاً كذلك .
إن العدمُ لا يخلق شيء والإنسان لا يخلق نفسه وهذا معلومٌ لدى البشر جميعاً .

إذاً تقرر الآن لدينا أن الإنسان مخلوق محدث جاء بعد عدم ، والعدم لا يمكن أن يخلق شيئاً ، إذاً لابد لهذا الإنسان من خالقٍ خلقه ومحدثٍ أحدثه ، وراجحٍ رجح وجوده من عدمه وهو ( الله ) .

إن استحالة وجود خالقٍ للإنسان غيرَ الله يأتي من تقرير التالي :

أن هناك ما يُسمى بتسلسل الفاعلين وهو :
أن الفعل لابد له من مصدر أول يصدر منه الحكم ولا أحد يكون فوق هذا المصدر 
وبالمثال يتضح المقال :
حتى يسري أي قرار إداري لابد له من مدير  أول يصدر القرار وموظف ينفذ القرار فلو قلنا عدم وجود المدير الأول لاستحال وجود القرار أصلاً ، ولو قلنا أن المدير فوقه مدير والمدير فوقه مدير وهكذا إلى مالا نهاية لتقرر لنا عقلاً أنه لن يكون هناك قرار أصلاً لعدم وجود المصدر الأول الذي يتوقف عنده الأمر ويكون منه القرار وبالتالي وجب أن يكون هناك مدير أول يأتي منه القرار .
وعلى هذا المثال فقس .

إن قاعدة (تسلسل الفاعلين) هي من أعظم القواعد العقلية الدالة على وجوب وجود الخالق ، ولو لم يكن الخالق موجوداً لاستحال وجود المخلوق .

فلو كان لله خالق - تعالى عن ذلك سبحانه - لكن الله مخلوق - تعالى عن ذلك سبحانه - وللزم أن يكون لخالق الله خالق وهكذا تظل السلسلة إلى مالا نهاية وهو العدم والعدم لا يخلق شيئاً .
وإن إقرارنا بهذه الأدلة والأمثلة على أن الخالق هو الله وحده فمن باب أولى أن نقر أنه  موجوداً أصلاً ، فكيف يكون خالقاً وهو غير موجود ؟!

لو أعمل المُلحد عقله وفكر بنفسه أولاً وبالكون حوله ثانياً لوصل إلى هذه النتيجة وهي استحالة وجود هذا الكون بهذا النظام الدقيق من دون أن يكون له خالقاً حياً مريداً مختاراً صاحب قوةٍ وكمالٍ وقهرٍ وعلو .

ليست هناك تعليقات