أحدث المشاركات

معرفة الله عن طريق الاقتصاد الإسلامي - مذكرات في زمن الكورونا - د.عبدالمجيد العمري


 خبير مصري: الاقتصاد الاسلامي بديل جيد للرأسمالية
 معرفة الله ليس له طريق واحد، فلله آيات ودالات  وأسرار وعلامات ، فكما أن الأعرابي  قيل له "بم عرفت ربك؟ فقال: عرفت الله بنقض العزائم وصرف الهمم" فعرف الله من خلال القوة التي تؤثر في قراره وعزمه، لطبيعة الأعرابي العربي القائمة على القوة والأنفة وعدم التراجع عن القرارات، وهكذا ستجد الله حاضرا ومحيطا بك من خلال شرعه وخلقه.

عرفت الله كذلك من خلال عظيم التشريع في المال والاقتصاد فالقرآن سمى المال (قواما) فالحياة تقوم على المال، وعظمة التشريع في الاقتصاد والمال أن قوانينه تتناسب مع الفطرة والطبيعة البشرية في التبادل القائم على الرضا والانتفاع، على قاعدة  ( دعوا الناس يرزق بعضهم بعضا) وقاعدة ( ليتخذ بعضهم بعضا سخريا) قاعدة التكامل والانتفاع والتسخير والتعاون.

ولادة المال للمال ليس لشيء الا لكونه مال لا يتناسب مع الفطرة، ولا يتفق مع التنظيم البشري القائم على التبادل النفعي المتوازن، واعتبار القيم البشرية الأخرى، وجهدها الفكري والعملي.

التضخم آفة اقتصادية تعتبر ورم في جسد الاقتصاد، والفطرة الاقتصادية تسمي هذا آفة اقتصادية، فكيف لا تسمى ( توليد النقد في المصارف، وأرباح السندات وأذون الخزانات، وعقود الخيارات والمستقبيلات، ) تضخما، ووفق المعايير الاقتصادية يعتبر ورما خبيثا في جسد الاقتصاد يجب إزالته.

المؤسسات في العالم إما مؤسسات مالية، أو مؤسسات إنتاجية، والمؤسسات المالية في الحقيقة تقوم على تجارة الأوراق والأرقام، وللأسف فأرباحها تتجاوز 40% بينما المؤسسات الإنتاجية لا تصل إلى 10% وهذا الخلل سبب ويسبب شللا في الاقتصاد العالمي.

قاعدة التشارك في المخاطر، التي تتجسد في عقود المضاربة والمشاركة، في بعدها المقاصدي كسرت الحواجز الطبقية ، فمشاركة 95% ما يمتلكه 5%   يساعد في انتشال الطبقة الفقيرة، وتوسيع دائرة الطبقة المتوسطة، بما يتفق مع قاعدة الشرع ( لكيلا يكون دولة بين الأغنياء منكم).
 
أطلعت على تقارير مالية لأحد تجار البترول في أحد مدن دولة من دول العالم الثالث، وبلغ صافي أرباح فارق سعر الدولار ما يزيد على  250 مليون دولار، وهذا يعتبر 40% مما تحتاجه المدينة من بتروك خلال العام، وهذا في دولة ومدينة صغيرة فكيف بفارغ أسعار وتقلبات ما يزيد من 40 ميلون برميل يوميا في العالم، والنقد في الإسلام ليس غاية ولكنه وسيلة، فاتخاذ الناس الوسيلة غاية، والتوسع في أسواقها والمضاربة فيها خروج بالاقتصاد عن مجاله ونفعه.

الزكاة والوقف في الإسلام كفيلة بحل مشاكل الفقر والبطالة، وسوء الخدمات والتعليم، فتقرير رسمي لأحد الدولة من صندوق الزكاة ما يزيد على40 مليار دولار، وهو ما تطلبه الأمم المتحدة لمعالجة مشاكل كل دول العالم الثالث، ولا ننسى أن هذا مبلغ سنوي.

قضية الاستثمار وتقديس العمل والإنتاج، والسعي والبكور، والاعتماد على النفس، وتفضيل اليد العليا التي تعطي، وربط كرامة الإنسان بالسعي،وعدم المحاباة في إقامة الأحكام، والضرب بيد من حديد لمن يعبث بالمال العام، وتفعيل قانون المحاسبة والمراقبة والذمة المالية، وسلطة الدولة على السوق بما يقومه، كل هذه المفاهيم تتفق مع الفطرة البشرية، وتعمق الإيمان بالله الرب الحكيم.

نموذج تكافل المهاجرين والأنصار، ونموذج القطاع الخاص في العصر النبوي في تجهيز جيش العسرة وشراء بئر رومة، كذا عتق العبيد في العهد المكي، وإنكار الخلفاء على تعطيل الأراضي التي لم تستثمر، والتهديد بأخذها، كل هذه المعاني لا تخرج الا من مشكاة الدين والشرع.

علاقة المؤمن بالمال علاقة معتدلة، فهو شيء وليس كل شيء، ووسيلة وليس غاية، وفتنة زينة، وسلاح ذو حدين، فالإنفاق والصدقة والتكافل والتعاون والوقف والزكاة ونحوها من المفاهيم الشرعية العميقة تضع المال في مكانه الصحيح وحجمه ومقداره الثابت.

 عرفنا الله في آياته الكونية والشرعية، بعظيم خلقه ومخلوقاته،  وها نحن اليوم نقف أمام تشريع اقتصادي ومالي عظيم، يجعلنا ننتمي لهذا لدين بفخر، ونستظل تحت ظله بعز، والحمد لله على نعمة الإسلام، ربي آمنا بك وبشرعك فتوفنا مؤمنين وألحقنا بالصالحين .

ليست هناك تعليقات