✨ النفــاق الوظيفـي ✨ - بقلم✍د.محمد فيصل باحميش
هو الداء العضال الذي إذا نزل بساحة الجسد الوظيفي عطل وظائفه الحيوية وأصاب أطرافه الفاعلة بشلل التقييم الموضوعي، لتستبدل تلك العقول الضحلة بعض مؤشرات التقييم العلمي بمؤشرات من وحي خيالها، ومن نسيج فكر عشعشت فيه فيروسات السقوط الأخلاقي والقيمي.
صارت دوائرنا الخدمية ومؤسساتنا التعليمية والتربوية تعج كـ (خلية النحل) بتلك العقليات الفارغة التي لا تنظر إلى الإبداع إلا عبر عدسة المصلحة ولا ترقب الفكر الابتكاري إلا بزوم الحظوة القيادية، وصار ذلك الموظق أشبه بذلك الكائن الطفيلي الذي يتغذى على ما يتساقط من جسد التزلف فيمتص رحيق النفاق ويرتشف قطرات المداهنة الكاذبة.
يعمل ذلك العقل الطفيلي على تقسيم عناصر النشاط الفكري في مؤسسته إلى صنفين، وتوزع في جدول المصالح والنفاق، فيجعل العناصر النشطة قريبة من زوايا المدح، والعناصر الخاملة في عدسة تقييمه بعيدة في زوايا الإهمال واللامبالاة، ويعتمد في توزيع مفردات التزلف والنفاق على أساليب التدخل التكتيكي ومهارات المراوغة والمناورة التكنيكية.
هذا التصنيف اللامسئول يسمح لمنظومة النفاق بأن تتمدد لتأكل من رصيد منظومة القيم والأخلاق، كما يسمح لتلك العقلية المتزلفة بالارتقاء غير المستحق، وتحت حجة وما ننافقهم إلا ليقربونا في سلم الحظوة درجة.
هذا الفرز غير الموضوعي والذي تتم عملياته على أسس المداهنة والخداع القيمي يؤدي إلى إطفاء شعلة بعض العناصر التي ارتقت في سلم النجاح والإبداع؛ ولكن لأنها لا تشكل أولوية في سلم المصالح فتغض أعين صناع القرار طرفها عن إنجازاتها وإبداعاتها، ومع مرور الوقت تبدأ فروع تلك الشجرة المثمرة بالذبول وتبدأ أوراقها بالتساقط حتى تنكشف عورتها وتتوقف مفردات الإبداع والابتكار عن الدوران حول محورها وأفكارها.
وبينما نجد في المقابل قطرات الإشادة الزائفة تتساقط كـ (حبات المطر) فوق رأس صانع القرار حتى تدفعه إلى إخراج مظلة الحياء لتقيه من بعض الإشادات الجوفاء والمتطرفة، ويخرج منديل الاستحياء ليحجب خدوده عن الأعين التي علاها حمرة الحياء، وتجاعيد المبالغة الزائفة.
والحصيلة أن ذلك المسئول الذي لا يجيد فن توزيع قطع الإدارة الشطرنجية على رقعة التخطيط المؤسسي فضلاً عن إدراكه لمفاهيم العمل المؤسسي والإداري وافتقاره للكفايات الشخصية والمهنية التي تمنحه الحق في التربع على كرسي القرار؛ تزداد عنده مساحة الوهم القيادي والإداري، وبينما ذلك العنصر المبدع الذي رسم بريشته أجمل اللوحات الفنية وصاغ فكره المبدع قصائد التحول النوعي لشخصية الإنسان فهو يتوق إلى كتابة مفاهيم الحياة بأسلوب العصر وبث روح الديناميكية في مفرداتها الميتة فها هو يزداد حسرة وألماً وتموت قدراته في سرداب الضياع والإهمال.
ليست هناك تعليقات